صراع قوى الشرعية .. بين رغبة السعودية وطموح الإمارات


تقرير - خاص
الصراعات بين  القوى السياسية في حكومة هادي تتسع، وتشعبها ينذر بالمزيد من تعقيدات الأزمة، لاسيما وأن هذه الصراعات تستند إلى الانقسامات في صفوف قوى التحالف، فهل السعودية، الغارقة في مستنقع الحرب منذ 4 سنوات، قررت إذابة حكومة هادي في صراعات بينية، لا سيما في ظل الضغوط الدولية لتحقيق السلام، أم أن الإمارات الطامحة لتسيد المشهد في المنطقة، تسعى  لإعادة تدوير أوراقها علّ ذلك يغير من حظها العاثر؟
خارطة  الصراعات الأخيرة في مناطق سيطرة التحالف كبيرة مقارنة بالمساحة الجغرافية، فمدينة تعز، التي لا تتجاوز مساحتها الـ40 كم، كانت تغوص في صراع مرير لم تتضح معالمه، لكن  الآن باتت قواها الموالية للتحالف تقارع بعضها جهارا، فالناصري والمؤتمر والاشتراكي والسلفيون- المدعومون إماراتيا- احتشدوا، اليوم السبت، في المدينة لاستعراض قواتهم الشعبية، بعد إخفاقهم عسكريا في انتزاع ولو القليل من الاصلاح، الذي يشكل أكبر القوى في حكومة هادي، ومدعوم من السعودية، والأخير الذي تعرض لضربات موجعة في عدن على مدى العامين الماضيين من قبل القوات المدعومة إماراتيا، أو تلك التي استعانت بها أبوظبي لتصفية رموزه، يدفع نحو العودة إلى الواجهة، باشتراطه انعقاد  جلسات النواب الموالين لهادي، بالتزامن مع تحضيره لانعقاد مؤتمر آخر باسم " ائتلاف دعم الشرعية"، لكنه رغم محاولته استرضاء الإمارات برفع صور قادتها في كل تظاهرة؛ لا يبدو أن الأخيرة راضية عنه، فالمؤشرات على الأرض تؤكد مواصلة الإمارات مخططها لاجتثاث الحزب. 
هذا التحرك  لطالما عبر عنه ساستها ومنظروها بمختلف اللهجات وبما فيها التصفيات لقاداته.
 يعزز ذلك المشهد، بدء الإمارات الدفع بهاشم الأحمر إلى مارب، تمهيداً لنشر قواته على الخطوط الأمامية في حدود صنعاء، بدلا عن قوات الإصلاح المتهمة بابتزاز التحالف، وفقا لما تضمنته مذكرة لوزارة الدفاع في حكومة هادي، إضافة إلى تحركات أخرى في شبوة وحضرموت والضالع.  
الصراعات داخل أروقة الشرعية لم تقتصر على القوى، بل امتدت إلى الأفراد، فهادي ونائبه يتبادلان الضربات يوميا، ففي حين يدفع هادي نحو سحب بساط علي محسن من الهيمنة على بعض الفصائل، آخرها معسكر 30 في الضالع، يوسع الأخير تضييقه الخناق على هادي، وقد نجح وزير الداخلية الموالي لمحسن في  تسمية نجل هادي ومدير مكتبه  للشئون الاقتصادية، العيسي، على لائحة تقرير الخبراء الدوليين كهوامير فساد، تمهيدا لضمهم إلى قائمة العقوبات، وحتى معين عبدالملك، رئيس حكومة هادي، يخوض صراعاً مع نائبه أحمد الميسري، لكن الأخطر في صراعات الطرفين تلك، أنها بدأت تأخذ منحى صراع مناطقي، وبما يقود الجنوب لأن يكون ساحة صراع أخرى بين أصحاب المصالح في الشمال والجنوب في نطاق حكومة هادي، لا سيما وأن تلك الصراعات أصبحت اليوم ماثلة للعيان، فهادي الذي يتمسك بالشدادي يرفض تولي البركاني رئاسة البرلمان، ورئيس الكتلة البرلمانية للاشتراكي عيدروس النقيب، يرفض دخول نواب هادي الأراضي الجنوبية.
التحالف الذي ظل يستخدم هذه القوى كـ"وطاف" لحربه في اليمن، لا يزال منقسما، فالإمارات التي ترى الإصلاح عدواً تاريخياً لها، تدفع لاستئصاله، بينما السعودية التي ظلت تعتمد على هذا الحزب لسنوات، تعتبر المساعي الإماراتية تقليماً لأظافرها، وذلك انعكس بعودة صراعات الطرفين إلى الواجهة، لكن هذه الانقسامات لم تعد تنعكس على صراعات المصالح التي برزت في المهرة وسقطرى،  بل باتت تؤثر علي أي مسار سياسي لحل الأزمة، وفقا لما تراه منظمة الأزمات الدولية، التي دعت في تقرير جديد لها المجتمع الدولي لفتح مفاوضات جديدة بين فرقاء الشرعية، أو بالأحرى بين حكومة هادي والإمارات، معتبرة وصول هذا الصراع إلى تعز يعقد مسار الأزمة ويفاقم الوضع. 
التحالف الذي حدد هدفه بـ "اعادة الشرعية" بات يتغذى على صراعاتها، فالسعودية التواقة للخروج من المستنقع، ترى في الصراعات بين القوى الموالية لها فرصةً لدفع القوى الرافضة لمفاوضات الحل السياسي نحو الانخراط فيه، بينما الإمارات الطامحة لإغراق السعودية في المزيد من الصراعات، ترى فيه فرصة لتمكين الفصائل الموالية لها وتطويل أمد الحرب، الذي تدفع الرياض ثمنها سياسيا وعسكريا وحتى أخلاقيا، مع أن أبوظبي وحدها من تتغنى بانتصاراته.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خبير اقتصادي يكشف عن مغالطات الحكومة في موازنة 2019

منوعات - تعرف على 5 حقائق مذهلة حول الجاذبية

ثقافة وفن - 3 إصابات خطرة تعرض لها جاكي شان خلال تصوير أعماله السينمائية