الإمارات تكتوي بنيرانها

تقرير – خاص
الجحيم الذي أرادت الإمارات أن تكوي به المناهضين لها في عدن ومحيطها، باتت ألسنته تحرق ثوبها، وتنذر بعاصفة لاقتلاعها، لكن أبوظبي التي تستند إلى مجموعة فصائل تنفذ المهام بالوكالة، لا تزال تعتمد أسلوب التلوين لطمس معالم الجريمة، وتلك الوسيلة لا تقتصر على ترميم الجدران الملطخة بدماء الضحايا.
لسنوات مضت، اعتمدت الإمارات أساليب مختلفة لاجتثاث المناهضين لوجودها، فأنشأت خلايا اغتيالات، وأخرى للاعتقالات وثالثة للإخفاء القسري .. والقائمة تطول، لكن ما يميز هذه الخلايا واحدية الهدف المتمثل بخدمة الاجندة الإماراتية رغم تعدد جنسياتها.
هذه الخلايا تحولت مع الوقت إلى كابوس متنقل في الأحياء والأزقة والشوارع يخطف الأرواح ليلا ونهارا، ويلقي الأجساد في سجون سرية أشبه بقبور جماعية يسكنها الأحياء الذين يتعرضون لعمليات تعذيب تصل في معظم الأحيان حد الموت.
أطلقت الإمارات العنان لجلاديها في المدينة التي لا شهود فيها، وكانت على يقين بأن العالم، الغافل، لن يطلع عما يدور في مدينة كانت رمزا للتنوع والثقافة والتحضر، قبل ما تحولها أبوظبي إلى وكر لوحوش ذات أيديولوجيات ومصالح متعددة، يجمعها تعطشها للدماء وطموحها في الاستقواء بالخارج لتعتلي في مراتب السلطة غير آبهة للفاتورة التي ستدفعها كثمن باهظ لتصرفاتها المجنونة.
اعتقلت الإمارات الشيخ السلفي، واستعانت - حسب موقع بازفيد العسكري - بمرتزقة أجانب لتصفية الإخوان، وشجعت عصابات المخدرات والجنس، فلم يبقَ طفل أو فتاة في مأمن بالشارع، والسلطة التي كان ينشدها السياسيون باتت مكبلة بقيود الجماعات الارهابية التي هادنتها الإمارات، وفقا لتقارير إعلامية غربية، لا لهدف سوى استخدامها كعصا لضرب الخصوم أو من ينتقد إمارة زايد وأولاده، ومخططاتهم التي يسعون لتمريرها، وأبرزها، كما يقول باحث فرنسي، إنشاء حزام أمني يمتد من الساحل الغربي وحتى الساحل الشرقي لليمن، وبما يمكنها من الاستئثار بعائدات 40% من التجارة العالمية التي تمر من هذا المضيق يوميا، لكن وخلافا للتوقعات الإماراتية، تطفح فضائح أبوظبي فجأة إلى العلن محدثة صدمة غير متوقعة، من دولة لطالما تغنت بحقوق الإنسان وسعادته.
اليوم وبعد أعوام من انتهاكات أبوظبي المستمرة في اليمن، تفتح المنظمات الدولية سجلات جرائمها، لكن وبعيدا عن المنظمات المحلية والدولية وحتى وسائل الاعلام التي ظلت خلال الفترة الماضية تنشر قصص الضحايا واستطاعت ابوظبي إسكاتها إما بالمال أو ابتزازها وتجريمها، لم تستطع أبوظبي هذه المرة الهرب كعادتها فلجنة الخبراء الدوليين المكلفة بالتحقيق في انتهاك حقوق الانسان في اليمن أوردت في تقرير جديد لها إدانات لجرائم الإمارات في جنوب وشرق اليمن، وهذه التقرير أصلا تعد امتداداً لتقرير أصدره الفريق الأممي العام الماضي، وكشف فيه عن سجون سرية وعمليات تعذيب وقتل داخل تلك السجون التي يشرف عليها ضباط إماراتيون وأجانب.
الإمارات التي ظلت تتهرب من تلك الجرائم تارة بإلصاقها بحكومة هادي وأخرى بالمجلس الانتقالي، المدعوم منها، لم يجد وزيرها للشئون الخارجية أنور قرقاش، ما يرد به على التقرير سوى مذكرة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليه، تضمنت تهديدات مبطنة بوقف الدعم عن مجلس حقوق الإنسان في حال لم يوقف تحقيقات الفريق الأممي ويلغي مهامه، لكن حتى هذا التهديد قد لا يجد آذاناً صاغية، في ظل كشف صحيفة الديلي ميل البريطانية عن تلقيها طلبا أمميا بإرسال وثائق تتعلق باستغلال الإمارات والسعودية لأطفال في اليمن، ولا خيار لأبوظبي سوى إغلاق سجونها، كما طالبت بذلك اللجنة الوطنية المكلفة من قبل السعودية نفسها للتحقيق في انتهاكات داخل السجون الموالية لأبوظبي، وحتى محاولتها إعادة هادي إلى عدن الذي استعانت به خلال الفترة الماضية في مثل هكذا مواقف، أو خروج الإصلاح في تظاهرات مرتقبة للاعتذار لأبوظبي، لن يخمد النيران المشتعلة في أوساط الأهالي، ولن يشفع لأبوظبي أمام المنظمات الدولية التي بدأت من باريس ملاحقتها دولياً.
تعليقات
إرسال تعليق